شيّع بعد ظهر اليوم في كنيسة «مار ضومط» ـ زوق مكايل (شمال لبنان)، جثمان مخرج الفيديو كليب اللبناني يحيى سعادة الذي قضى بصعقة كهربائية اثناء تجهيزه لموقع تصوير فيديو كليب للفنانة مايا دياب في محطة قطار بمنطقة «أزمير» في تركيا.
وقد وصل جثمان يحيى الى بيروت مساء امس ترافقه الفنانة دياب وزوجها رجل الاعمال عباس ناصر وشقيقته ايمان، وفريق العمل. وكان في استقبال النعش أهله واقرباؤه وأصدقاؤه من الوسط الفني، اضافة الى عشرات من محبيه والـ «FANS» الذين كانوا تداعوا عبر صفحته على موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي الى استقباله بلباس أبيض موحّد.
واستبق الحزب السوري القومي الاجتماعي وصول جثمان سعادة (عائلته تنتمي الى الحزب) بنعيه وتأكيد إقامة مأتم حزبي وشعبي له اليوم.
وفيما كانت التحضيرات مستمرة لاستقبال المخرج الشاب الذي صدم الوسط الفني برحيله المفجع وهو الذي كان صدم الوسط الشعبي بأعماله المصوّرة «المثيرة للجدل»، استحضرت بيروت مجموعة «مفارقات» سبقت مقتل سعادة وبدت كأنها «إنذارات مبكرة» بأن ساعة الرحيل اقتربت.
ومن هذه المفارقات وفاة صديقه عارض الازياء سامر الياس في يناير 2010 جرّاء تناوله جرعة زائدة من المنشطات وهو الحادث الذي آلمه كثيراً، كون الياس من اعز اصدقائه، ومقتل المخرج محمود المقداد قبل اشهر في جريمة مروعة هزّت سعادة الذي كانت تربطه صداقة متينة بالراحل الذي كان يشكّل مع يحيى وسامر الياس «حلقة» من رفقة درب فرّقها الموت تباعاً وكان «آخر عنقودها» يحيى الذي التحق بصديقيه في السنة نفسها ليكتمل «مسلسل الموت».
ان يحيى لم يكن يستشعر بأي «خطر» يكمن له، وهو كان يعدّ مشاريع لأكثر من فيديو كليب مع اكثر من فنانة، حتى انه قام بـ «وداع مبكّر» لاصدقائه ومحبيه في اطلالة تلفزيونية قال فيها «كليبي المقبل مع مايا دياب ومن ثم آمال ماهر، وتكون السنة 2010 قد انتهت ونباشر سنة جديدة. ينعاد على الجميع».
«استشعار» الفنانة مايا دياب بشيء ما «مريب» فاحت «رائحته» من اكثر من اشارة سلبية سبقت انتقالها ويحيى الى تركيا، وقد عبّرت عن هذا الامر خلال إطلالة تلفزيونية روت خلالها تفاصيل الحادث الذي تعرض له سعادة. فقالت «ما جرى صعبٌ للغاية. يحيى سبقني لإجراء التحضيرات الفنية. حصل كلّ شيء بثوانٍ. فعندما وصل الى محطة القطار، لاحظ ان هناك سلكاً كهربائياً ظاهراً ومشحوناً فنبّه فريق العمل وشقيقته من عدم الاقتراب منه، وبما انني كنت سأصوّر احدى اللقطات على القطار، طلب من شقيقته ايمان قطع التيار الكهربائي عن كل المحطة، وبعدها، ولا تسألوني لماذا، صعد يحيى على سطح القطار للتأكد من ان السلك لم يعد مشحوناً فخبأ يده بأحد كمّيْ قميصه وما ان لمس السلك حتى وقعت الكارثة، صرخ يحيى لشقيقته التي لفظ انفاسه بين يديها قائلاً: «لا تتركيني».
واستعادت مايا «إشارة سلبية» تلقاها يحيى في 28 نوفمبر الماضي «حين تبلغنا ان محطة القطار التي كان يفترض ان نصوّر فيها الفيديو كليب في اسطنبول احترقت بكاملها»، وقالت: «أبلغت يحيى ان هذه ربما تكون اشارة سلبية، فلنغيّر عن السيناريو الموضوع ويمكن ان نصوّر الفيديو كليب في لبنان، الا انه اصرّ على التصوير في تركيا. وعندما أبلغني بوجود محطة في أزمير، قلت له ان المكان بعيد جداً ولماذا انت مستعجل، فقال لي لا تهتمي كل الامور جاهزة في ازمير ولن تشعروا بأي تعب. حتى انه يوم الثلاثاء الماضي حصلت مشكلة صغيرة فقلت له تعبت ولم اعد اريد السفر لنرجئ التصوير الى ما بعد الاعياد. الا انه بقي متمسكاً بالذهاب الى تركيا التي قصدها قبل يومين من الموعد المحدد. وعندما وصلنا توجهت الى الفندق ريثما يصل زوجي وفيما كنت انتظره توجه يحيى الى... حتفه».
وكان سعادة عاش طفولته في جزيرة قبرص بسبب الحرب اللبنانية الا انه عاد الى لبنان في الثمانينات من القرن الماضي، حيث كان من المفترض ان يتخصص في الهندسة الداخلية الا انه اتجه لتعلّم الرقص حيث قضى 9 سنوات في هذا المجال. وبعد الرقص اتجه سعادة نحو عالم التصوير والاخراج حيث عمل بداية مع المخرج شادي حنا قبل ان يبدأ بالتعاون مع المخرجة نادين لبكي وعدد من المخرجين الآخرين طيلة 7 سنوات استمرّ خلالها مخرجاً فنياً قبل ان يتسلّم هو اخراج الكليبات.