الزعيم الليبي يرفض التنحي أو مغادرة بلاده ويقترح مفاوضات بلا شروط ويكرر تحذيره من ضلوع «القاعدة» في القتال
الثوار و «الناتو» يرفضان عرضاً مشروطاً من القذافي لوقف النار
رفضت المعارضة الليبية وحلف شمال الأطلسي "الناتو" أمس، عرضاً تقدم به الزعيم الليبي معمر القذافي لوقف إطلاق النار والتفاوض مع اشتراطه موافقة الحلف الغربي لوقف غاراته الجوية لحماية المدنيين من هجمات الكتائب الحكومية التي أقرها مجلس الأمن الدولي بموجب القرار 1973. من جهته، أعلن نجله سيف الإسلام القذافي خلال جولة قام بها على جرحى في مستشفى بطرابلس أمس الأول، "سنحارب الناتو 40 عاماً ولن نستسلم ونرفع الراية البيضاء" مؤكداً "فقط سنرفع الراية الخضراء". وفي وقت مبكر صباح أمس قال العقيد الليبي في كلمة بثها التلفزيون الحكومي مباشرة في طرابلس واستمرت 80 دقيقة، أن أبواب السلام ما زالت مفتوحة، عارضاً وقفاً لإطلاق النار والبدء بمفاوضات شريطة وقف الناتو لعملياته العسكرية فوق الأجواء الليبية، لكنه رفض التنحي، وهو المطلب الذي تتمسك به المعارضة المسلحة والقوى الغربية. وأكد القذافي أنه لن يرحل وعرض على فرنسا والولايات المتحدة التفاوض لكن "بدون شروط" و"بدون حرب".
وقال "أدعوكم إلى التفاوض..نحن لن نستسلم تريدون النفط تعالوا نعقد اتفاقيات ومعاهدات مع شركاتكم، ولكن بدون حرب، مستعدون للتفاوض مع فرنسا وأميركا لكن بدون شروط". وأضاف "إيقاف النار نحن أول من رحب به ووافق عليه، لكن الهجوم الغربي لم يتوقف"، مؤكداً "نحن مستعدون من هذه اللحظة، لكن هل يمكن أن يتحقق وقف إطلاق النار من طرف واحد؟". وألقى القذافي خطابه في ذكرى المئوية الأولى لمعركة القرضابية في 29 أبريل 1911 التي كانت حاسمة ضد الاستعمار الإيطالي. ووصف قادة الأطلسي بأنهم "فرقة الإعدام". وتوجه إلى الأطلسي بالقول "اسحبوا أساطيلكم وطائراتكم فمن يقاتلنا هم إرهابيون ليسوا من ليبيا بل غرروا بأولادنا...جاؤوا من الجزائر ومصر وتونس وأفغانستان"، مشيراً مجدداً إلى أن مشاركة "القاعدة" في مقاتلة قواته.
وكرر القذافي قوله" ليبيا ترحب بوقف إطلاق النار، وأعلنت موقفها أكثر من مرة ومستعدة هذه اللحظة لوقف إطلاق النار من طرفها، ولكن لا يمكن وقف النار من جانب واحد..نتحداكم أن يلتزم الإرهابيون به". وحول الثوار الليبيين، قال "الزنادقة سنواجههم بالأطفال والنساء والشيوخ والأطفال ولكن دون سلاح ...وممكن أن نسمح لهم بمغادرة ليبيا". ودعا القذافي إلى إرسال لجنة دولية لتقصي الحقائق إلى ليبيا، مشككاً بالأرقام المتعلقة بالقتلى في القتال الدائر في هذا البلد. وقال "نحن نتحدى أن يكون قد مات ألف شخص كما يدعون. فليأتوا بأسمائهم وجثامينهم وقبورهم". وتساءل " هل من المعقول أن يبني مجلس الأمن قراره على تقارير وكالات أنباء كاذبة؟". وقال "القذافي بالنسبة للشعب الليبي أكثر قدسية من إمبراطور اليابان الذي انتحر اليابانيون من أجله"، قائلاً "أنا رمز للشعب الليبي.. أنا مرتبط لهم بالجلاء أنا مرتبط بتأميم النفط بالإنجازات المادية والمعنوية والشعب الليبي لا يستطيع أن ينكر ذلك ...وإذا أنكره فلا يستحق الحياة".
وتابع القذافي بالقول إن على الناتو أن "يفقد الأمل من رحيل القذافي وتغيير النظام السياسي، والسيطرة على النفط واحتلال ليبيا". وخاطب الغربيين بقوله "أنا لا أملك منصباً ولا سلطة لكي أتركها..بلادي لن أتركها وسأقاتل فيها وأموت فيها". وأضاف "أما النفط فدونه الموت ولا تحلموا (الغربيون) أن تأخذوه إلى بلادكم بسلام"، مضيفاً "النفط لن يكون إلا تحت سيطرة الدولة". أما عن النظام السياسي المبني على "سلطة الشعب"، فقال القذافي "هذا النظام لا أملك أنا ولا غيري أن يغيره، فقط الشعب هو الذي يستطيع ذلك ولكن بعيداً عن القصف والسلاح". وذكر الزعيم الليبي أن غارات الناتو والدوريات البحرية تجاوزت تفويض الأمم المتحدة، وحث روسيا والصين والدول الأفريقية واللاتينية الصديقة على دعوة مجلس الأمن على تبني نظرة جديدة في القرار.
وفي تناقض ملحوظ مع كلماته السابقة، والتي وصف فيها المعارضين بأنهم "جرذان" ووعد بتعقبهم في كل دار، حث القذافي المعارضين على إلقاء سلاحهم وقال إنه يجب ألا يقاتل الليبيون بعضهم. وأنحى باللائمة في التمرد على مرتزقة وأجانب. ونفى القذافي شن هجمات شاملة على المدنيين. وقال القذافي إن ليبيا لم تهاجمهم ( الدول الغربية) ولم تعبر البحر فلماذا يهاجمونها. وأضاف "تعالوا نتفاوض احنا واياكم أنتم معتدين المشكلة ثنائية بيننا وبينكم لماذا اعتديتم علينا؟". ولكنه قال إذا لم يكن الناتو مهتما بالمحادثات فإن الشعب الليبي لن يستسلم ومستعد للموت وهو يقاوم ما وصفه بالهجمات"الإرهابية". وحذر الحلف من أن قواته ستموت في الصحراء إذا غزت ليبيا براً. وقال"إما حرية أو مجد أو شهادة.لا استسلام".
ولاحقاً، أعلن التلفزيون الرسمي أن بعد انتهاء القذافي من كلمته "تم قصف مبنى مجاور لإذاعة الجماهيرية أثناء بث كلمة قائد الثورة مباشرة، وهذا يدل على نية مبيتة لاستهداف شخص قائد الثورة". من جهته، قال عبد الحفيظ غوقة المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي في بيان أمس، إن نظام القذافي فقد مصداقيته. وأضاف أن الزعيم الليبي عرض مراراً وقف النار ليواصل فقط انتهاك حقوق الإنسان.
وتابع أن وقت التسوية انتهى وأن الشعب الليبي لا يمكنه تصور أو قبول مستقبل لليبيا يلعب فيه نظام القذافي أي دور. كما رفض الناتو دعوة القذافي لوقف النار، مؤكداً أنه "يريد أفعالاً لا أقوالاً". وقال المسؤول في الحلف "نحتاج إلى أفعال وليس إلى أقوال". وتابع "الناتو سيواصل عملياته إلى أن تكف كل الهجمات والتهديدات التي يتعرض لها المدنيون وتعود قوات القذافي بما فيها القناصة والمرتزقة، إلى قواعدها وتزول العقبات لنقل المساعدات الإنسانية إلى كل من يحتاج إليها". وتابع المسؤول الأطلسي"قبل ساعات من إعلان القذافي استعداده لهدنة، قصفت قواته عشوائياً مصراتة مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى بينهم أطفال..وحاولت قواته زرع ألغام في المرفأ لمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين". ومضى يقول "أي وقف للنار يجب أن يكون ذا مصداقية وعلينا التحقق منه. وعليه فتح المجال أمام حل يستجيب للمطالب المشروعة للشعب الليبي بإجراء إصلاحات سياسية".