الجنس : الوطن : المزاج : الهواية : المهنة : عدد المساهمات : 1235نقاط : 2975السٌّمعَة : 7العمر : 35
موضوع: السرطان والتغذية بين المعتقدات والحقائق السبت نوفمبر 20, 2010 3:08 pm
كثيرا ما يتم سؤالي عن علاقة التغذية بمرض السرطان، وهذا جميل جدا، فللنظام الغذائي الصحي دور مهم في الوقاية من السرطان وفي مراحل العلاج، وقد يختلف دور التغذية الفعلي باختلاف نوع السرطان، وباختلاف العضو الجسمي المصاب. وأستطيع أن أجمل بأن معظم الأسئلة الموجهة لي نحو هذه العلاقة تتعلق بنواحي سلبية عن مدى تأثير الغذاء بتطور ونمو السرطانـ. فقد فوجئت بمجابهات جمة من المصابين بالسرطان أنفسهم، والأكثر من ذلك، من عائلاتهم ومقدمي الرعاية المنزلية لهم، وذلك لسعيهم وراء تبني أسس الرعاية التغذوية غير السليمة، بل وحرمان المصابين بالسرطان من أغذية قد تكون فعلا صحية لهم ومساندة للعلاج، مثل منع المصابين من تناول الباذنجان والملفوف، أو العسل مثلا نظير مقولات متداولة مغلوطة، أو ممارسات شعبية ليس لها أساس من الصحة، أو نظير إتباع نصائح وإرشادات أشخاص معينين ليس لهم أي خلفية علمية، فإلى متى سنستمر بإحتفالنا ومباركتنا بهذه الممارسات بدلا من السعي وراء الحقيقة العلمية وإستشارة ذوي الإختصاص بذلك؟ فمن منظور علمي بحت، هنالك ثروة من البحوث المتاحة اليوم عن مدى تأثير النظام الغذائي الصحي والتغذية على صحتنا إذ يقترن توازن الأغذية الصحية وممارسة النشاط البدني بانتظام، والنوم لساعات معينة تتراوح بين 7 إلى 8 ساعات، في تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان لأن لإتباع أسلوب حياة صحي للمصابين بالسرطان دور مهم في زيادة قدرة الأشخاص على تحمل أعباء العلاج الطبي إذ أشارت الدراسات الحديثة بأن النظام الغذائي الصحي المصاحب لعلاجات سرطانات القولون والثدي بالتحديد قد ساهم في تقليل نسبة الوفيات لدى المصابين ومتلقي العلاج بنسبة 25-40 ؟. كما أشارت دراسات أخرى بأن التحكم بالوزن الصحي وحده قد يخفض نسبة الوفيات لدى المصابين بنحو 40 ؟. وكان هنالك بعض الدراسات التي أشارت إلى دور النوم وعلاقته بإفراز مادة الميلاتونين إذ تبين أن النساء اللاتي يعملن في نوبات ليلية هم أكثر عرضة للإصابة بمرض سرطان الثدي. إذن فنحن نتحدث عن علاقة النمط الغذائي الصحي من ناحيتين: الناحية الأولى هي الوقاية من الإصابة بالمرض (وهنا يجب الإشارة بأن هذا يختص ببعض أنواع السرطانات فقط، مثل سرطان الثدي والقولون)، والناحية الأخرى هي ناحية العلاج إذ يلعب النظام الغذائي الدور المساند للعلاج الطبي التقليدي والحديث، وهذه يشمل جميع أنواع السرطانات. ونظرا لأهمية الموضوع ولكثرة المعتقدات السائدة، سأعرض اليوم المعتقدات الخمس الأكثر تداولا، وسأتطرق إلى مواضيع أخرى في أوقات لاحقة. المعتقد الأول: لا يوجد أي علاقة بين السرطان ووزن الجسم! وأقول بأنه لا يوجد أي أساس علمي نستطيع بدورنا أن نجمل بأن لا علاقة للسرطان بوزن الجسم، فمن الناحية الطبية التغذوية، فإننا ننصح الجميع بمراعاة الحفاظ على وزن الجسم في المعدل الصحي، سواء أكنتم مصابين أم لم تكونوا، إذ أن المصابين الذين يتمتعون بوزن صحي هم أكثر قدرة على تحمل العلاج، بينما غير المصابين هم أكثر قدرة على منع حدوث بعض أنواع السرطانات. وقد أشارت دراسة حديثة جدا نشرت في دورية نيو انجلاند الطبية هذا الشهر بأن هنالك علاقة بين السرطان ووزن الجسم إذ وجدت الدراسة بأنه كلما ارتفع وزن الجسم عن المعدل الطبيعي، ارتفع خطر الإصابة بالسرطان، ووجدت الدراسة بأن الخطر كان له التأثير الأكبر لدى النساء. ويعتمد بلوغ الوزن صحي على نمط الحياة اليومي والمرتكز على إختيار الطعام الصحي والمتوازن والمنوع مع مراعاة الكميات المتناولة مع ممارسة النشاط البدني بانتظام، ومراعاة النوم والراحة النفسية. المعتقد الثاني: إبتعد عن السكر! إياكم والسكر لأنه يغذي الخلايا السرطانية! وبكل بساطة أقول: لا علاقة بذلك لأن تناول السكر مقرون بارتفاع الوزن (حسب الكمية المتناولة) وليس مقرون بتغذية خلايا السرطان!! فالعسل الطبيعي مثلا مغذي وله دور في حماية الكبد، فلا مانع من تناول 2 ملعقة طعام يوميا. ويجب التنويه بأن السكريات المكررة (مثل السكر الأبيض والصودا) توفر السعرات الحرارية الغذائية ولكن لا علاقة حتمية لها عندما يتعلق الأمر بالسرطان. ومن السهل أن نتجاوز الحد من تناول السكريات المكررة لأنها لا تعطينا الشعور بالشبع، ولذلك ، فإنها تلعب الدور الغير مباشر من خلال زيادة وزننا، مما يزيد من خطر إصابتنا بأنواع معينة من السرطان. وبالإضافة إلى ذلك ، فهنالك بعض الأدلة العلمية والتي تشير إلى أن مستويات الأنسولين المرتفعة والناجمة عن استهلاك السكريات المكررة (مثل السكر الأبيض، والحلويات المصنوعة من السكر المكرر) قد يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان. المعتقد الثالث: تتسبب المحليات الإصطناعية بالسرطان! لعل هذا المعتقد هو الأكثر رواجا عبر الإيميل وهو من المواضيع المثيرة للجدل، فحقيقة الأمر بأن جميع الجهات المعنية بمكافحة وعلاج السرطان لا توصي باستخدام المحليات الإصطناعية إذ أنه لم يتم التوصل إلى إتفاق وإجماع علمي بين علماء السموم، والدراسات العلمية المتاحة حول ما إذا ما إذا كانت هذه المحليات الإصطناعية آمنة أم غير آمنة. وسؤالي هنا لماذا نلجأ لإستخدام مثل هذه المحليات بالأساس؟ فإنني لا أعتبر المحليات الإصطناعية جزءا ضروريا من النظام الغذائي إذ لم تثيت فائدتها بوجه خاص من ناحية فقدان الوزن أو حتى المحافظة عليه . المعتقد الرابع: العلاجات العشبية والمكملات الغذائية يمكن أن يساعد في علاج السرطان! وهنا أود أن أقول كلمة واحدة وهي: ''حذاري!!'' فلا يوجد أي علاج للسرطان بالأعشاب أو المكملات الغذائية المعينة، فقد فوجئت بأن بعض المصابين بالسرطان يتناولون علاجات عشبية ومكملات من دون حتى معرفة ما بداخلها من مواد!!! وبطبيعة الحال، فلهم عذرهم لأن المصاب بالسرطان وعائلته يقعون في حيرة من أمرهم، ولأن طبيعة مرض السرطان تثير العاطفة والخوف، فقد يلجأ العديد منا لهذه الممارسات، خاصة مع إستغلال بعض الأشخاص لهذه العاطفة. ومن الناحية الطبية، فإننا حقا لا نعرف ما هي الآثار الجانبية لهذه العلاجات والمكملات، أو إذا كانت تتعارض مع فعالية العلاج الطبي والتقليدي. ويمكننا وصف بعض العلاجات الغذائية المعينة في حالات خاصة فقط، وعند معرفة مكونتها. المعتقد الخامس: يزيد شرب القهوة من خطر الإصابة بالسرطان! للحديث بطريقة علمية، ووفقا لتقرير عام 2008 الصادر عن الصندوق العالمي لأبحاث السرطان، فإن''معظم الأدلة تشير إلى أن شرب القهوة ليس له علاقة مع مخاطر الإصابة بالسرطان.'' وبالرغم من ذلك ، فلا تزال الأبحاث جارية. ولعل خلفية الأمر تعود إلى الإعلام إذ تم تداول تقارير إخبارية عن دراسات معينة، ومن ضمنها الدراسة في مطلع عام 2006 والتي تم الكشف عن نتائجها إعلاميا، والتي أشارت إلى أن ''القهوة هي المسؤولة عن ثلث الإستهلاك اليومي من المواد الكيميائية المسببة للسرطان، مثل مادة الأكريلامايد والتي يمكن أن تحدث نتيجة لتحميص البن.'' كما وربطت دراسات سابقة إستهلاك القهوة بمخاطر متزايدة من أنواع معينة من السرطانات، مثل سرطان المثانة وسرطان البنكرياس، وسرطان الثدي الخبيث. وقد أشارت دراسات أخرى إلى الدور الوقائي للقهوة إذ أن إستهلاك القهوة أدى إلى انخفاض مخاطر الإصابة بسرطان القولون، ومن الواضح بأن هنالك حاجة ماسة إلى مزيد من البحث. ولكن ما نستطيع المشورة به الآن هو مراعاة الإعتدال في تناول القهوة بصورة يومية، على أن لا يزيد إستهلاكنا منها لأكثر من فنجانين قهوة. وفي الختام، أود التنويه إلا أن النظام الغذائي الصحي يلعب دورا في الوقاية وفي مساندة العلاج الطبي للسرطان، ولكنه لا يلعب دورا في تطور مرض السرطان كما يعتقد البعض، فلا يوجد هنالك أي طعام معين أو فيتامين معين والذي يمنع السرطان. في الوقت نفسه، فإن تناولنا الطعام الصحي، والغذاء المتوازن والسعي للحصول على مجموعة متنوعة من المواد الغذائية يقينا من الإصابة ببعض أنواع السرطانات.