قتيلان وجرحى بإطلاق نار في صور وإحراق 3 آليات عسكرية

قتيلان وجرحى بإطلاق نار في صور وإحراق 3 آليات عسكرية
الاعتداءات على الأملاك العامة تتسع ومخاوف رسمية على سلامة الطيران

دخلت قضية الاعتداء على الأملاك العامة ومخالفات البناء في منعطف خطير مع سقوط قتلى وجرحى في تبادل إطلاق نار بين القوى الأمنية ومجموعات من الأهالي في منطقة صور حيث أحرق الأهالي ثلاث آليات عسكرية من جهة، وتمدد ظاهرة مخالفات البناء الى أماكن جديدة، ساحتها هذه المرة منطقة التحويطة حول سور مطار رفيق الحريري الدولي. هذا الفصل الجديد من التعديات، دفع كبار المسؤولين، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ووزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي، الى التحذير من المخاطر على سلامة الطيران من جراء هذه الهجمة على أملاك عامة تجاوزت هذه المرة الخط الأحمر في اللعب بالسلامة العامة.
يُذكر أن تدخل الجيش اللبناني، الى جانب قوى الأمن الداخلي، لم ينجح في وقف مخالفات البناء المتواصلة بتغطية غير معلنة من القوى السياسية الفاعلة في مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. وتلجأ هذه القوى الى تحريك الأهالي، من نساء وأطفال للوقوف في وجه القوى الأمنية في محاولاتها تطبيق القانون ووقف التعديات. وتؤكد مصادر أمنية أنه "ليس هناك قرار جدي من القوى السياسية في هذه المناطق، بإزالة الورش المخالفة"، ما يؤدي في أغلب الأحيان الى انسحاب القوى الأمنية وترك الأمور على حالها في التعديات.
الاعتداءات في صور
وفي سياق الاعتداء على القوى الأمنية جنوباً، فقد قُتل شخصان وجرح اثنان آخران في منطقة المساكن الشعبية شرق صور، أثناء قيام دوريات تابعة لقوى الأمن الداخلي، بمؤازرة الجيش، بقمع مخالفات البناء على الأملاك العامة. وقد تجمع نحو 200 شخص من الأهالي واعترضوا القوى الأمنية لمنعها من القيام بمهامها. وبادر الأهالي الى الاعتداء على القوى الأمنية بقذفها بالحجارة وضرب عناصرها بالعصي، فردت بإطلاق النار في الهواء لتفريق المتجمهرين.
وذكرت انباء متضاربة أن القوى الأمنية تعرضت لإطلاق نار غزير خلال قمعها المخالفة، ما استدعى رداً بالمثل.
وأدى الحادث الى مقتل علي ناصر الذي قيل إنه مسؤول في "حزب الله". وذكرت رواية أنه بادر الى إطلاق النار من رشاش حربي باتجاه وحدات القوى الأمنية. كما قتل الفلسطيني وسام الطويل، وأصيب شخص من آل حمود بجروح خطرة إثر إصابته برصاصة في الخاصرة. وذكرت مصادر أن مظاهر مسلحة شوهدت في المنطقة.
وقال شهود إن الأهالي أحرقوا ثلاث آليات عسكرية في الطرق التي قطعوها بالإطارات المشتعلة، في ظل حالة من التوتر الشديد.
كما أفادت مصادر أمنية في الجنوب أن عنصرين من قوى الأمن الداخلي وأربعة عناصر من الجيش اللبناني أصيبوا بجروح من جراء رشقهم بالحجارة من قبل الأهالي.
وفي وقت لاحق، امتدت الاحتجاجات الى حي البرج الشمالي المجاور للمساكن الشعبية والى حي الزراعة في صور لتشمل بلدتي المنصورة والحوش فقطع الأهالي الطرق وأشعلوا الإطارات، ما استدعى استقدام تعزيزات لقوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني للحد من الفوضى العارمة في منطقة صور.
وكتب فادي البردان من صور: أثناء قيام دوريات تابعة لقوى الأمن الداخلي بمؤازرة الجيش بقمع مخالفات البناء على الأملاك العامة في محلة المساكن الشعبية شرق مدينة صور، قتل عن طريق الخطأ، كل من الفلسطيني وسام الطويل والمواطن علي ناصر (من بلدة شيحين)، كما أصيب كل من ابراهيم طالب وجهاد حمود (من بلدة حداثا).
وفي التفاصيل، أنه ولدى وصول الدوريات الى المنطقة، عمد عدد من عناصرها الى الصعود الى الطابق الثاني من مبنى يقع بمحاذاة الطريق العام، وبدأوا بإزالة المخالفة، ليتجمهر حشد من أبناء المنطقة معترضين على قيام عناصر الدورية بهذا العمل. وحصل هرج ومرج ترافق مع رشق الحجارة على الدورية التي أطلق عناصرها النار بالهواء قبل أن يخلوا جميعاً المكان مع استمرار إطلاق النار، ما أدى الى إصابة الأربعة بجروح، ما لبث الأولان أن توفيا متأثرين بجراحهما فيما بقي الاثنان الآخران في المستشفى يتلقيان العلاج. وأفاد عدد من الشهود، أن ناصر والطويل كانا في داخل أحد المحال عندما أصيبا الإصابات القاتلة.
واثر شيوع نبأ وفاة الطويل وناصر جرى قطع الطريق الدولية التي تربط صور وبنت جبيل بإشعال الإطارات، كما جرى إحراق آليتين عسكريتين تابعتين لقوى الأمن الداخلي في منتصف الطريق، في ظل حالة من التوتر الشديد في المنطقة.
وقد شيع أهالي المساكن الشعبية ومخيم المعشوق جثمان الطويل عصراً، ليوارى في الثرى في جبانة المخيم.
ومنعاً لتفاقم الأوضاع، ذكر أن اجتماعاً طارئاً عقد في ثكنة بنوا بركات العسكرية، ضم كلا من قائد منطقة جنوب الليطاني في الجيش العميد الركن صادق طليس ومدير مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور، ومسؤول فرع المخابرات في صور العقيد مدحت حميد وعضو قيادة حركة "أمل" محمد زراقط ومسؤول لجنة الارتباط في حزب الله مع الجيش اللبناني في المنطقة جهاد شغري. وناقش المجتمعون الإشكال الذي حصل، وخلصوا الى تشكيل لجنة تحقيق ميدانية برئاسة قاضي التحقيق نبيل وهبي للوقوف على أسباب مقتل الشخصين.
يُذكر أن منطقة المساكن الشعبية حملت هذا الاسم منذ نحو أربعين عاماً بعدما قامت الدولة ببناء مساكن لذوي الدخل المحدود، ليتمدد العمران فيها مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القرى الحدودية منذ منتصف السبعينات حيث لجأ اليها عدد كبير من أبناء تلك القرى في قضاءي صور وبنت جبيل وشيدوا لهم منازل هناك، وهم عملوا لتقديم طلبات تسوية لأوضاع المنازل تلك منذ أكثر من عشر سنوات. ليس هذا فحسب، بل إنهم منعوا من قبل السلطات الإدارية، من إجراء أعمال الترميم أو إعادة التأهيل، مع الإشارة الى أن عقاراتها تتبع للدولة فيما تعمل بلديتا صور والبرج الشمالي لتوفير الخدمات للمقيمين فيها والاهتمام بها تنموياً وبيئياً.
يُذكر أخيراً أن المقيمين لم يشيدوا أي أبنية جديدة بل عملوا على تشييد أبنية على تلك المشيدة سابقاً.
الإشكال في الأوزاعي
وفي محلة الأوزاعي وقع إشكال بين قوى من الجيش والأمن الداخلي من جهة، وأهالي المنطقة على خلفية محاولة القوى الأمنية إزالة مخالفة بناء "هنغار" وألقت القبض على صاحب المخالفة، فما كان من المواطنين إلا أن حاصروا سيارة لقوى الأمن وقطعوا الطريق بالحجارة.
وذكر شهود عيان أن الأهالي أشعلوا الإطارات واستعانوا ببعض العوائق الحديدية لقطع الطريق بينما وقفت النسوة أمام الجرافة الوحيدة التي استقدمت لإزالة الردم.
وتمكن الأهالي من إنزال الموقوف من سيارة قوى الأمن التي حاصروها ومنعوها من التراجع وكرروا على مسمع رجال الأمن أنهم سيعيدون البناء.
وذكر الشهود أن مخالفات البناء لم تنجز وبالإمكان ردم الأعمدة وإزالة الأساسات، واصفة ما قام به أهالي المنطقة بأنه عرض للقوة. وأضافوا، إن حالاً من التوتر الشديد سادت المنطقة وإن استنفاراً متبادلاً سيطر على الأرض في ظل تعرض قوى الأمن للشتائم والتهديد.
وذكر مراسل قناة "الجديد" أن "القوى الأمنية انسحبت من منطقة الأوزاعي التي تشهد حركة بناء واسعة وورشاً مخالفة بالعشرات، وذلك بعد أن حصل إشكال في إحدى الورش بين قوى الأمن الداخلي والأهالي".
ونقلت "الجديد" عن مصادر معنية في القوى الأمنية أن "ليس هناك قرار جدّي من القوى السياسية في المنطقة بإزالة هذه الورش"، فيما عمد أصحاب الورش الى وضع النساء والأطفال في مواجهة القوى الأمنية، وقد استمرت أعمال البناء في الورش في منطقة الأوزاعي.
وقالت مندوبة محطة "LBC" إلى الأوزاعي إنَّ فريق المحطة تعرّض إلى محاولة محاصرته من قبل الأهالي، لكن القوى الأمنية وفرت الحماية للفريق وإخراجه من المنطقة. وأوضحت المندوبة نفسها أنَّ "الفريق تعرض للشتم واتُّهم بالتحريض". وأضافت: "لقد تعرضنا للمنع من التصوير أيضاً، كما أنَّ سيارتنا تعرضت للرشق بالحجارة. وقد اقترب الأهالي منها وضربوها بالعصي".
سليمان يتابع الإجراءات
تابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع المسؤولين السياسيين والأمنيين المعنيين الإجراءات لمنع مخالفات البناء على الأملاك العامة ومنطقة التحويطة حول سور مطار رفيق الحريري الدولي. كذلك دعا المواطنين الى احترام القوانين والأصول الإدارية المتعلقة بالبناء حفاظاً على البيئة السكنية وعلى طبيعة القرى والبلدات اللبنانية وطابعها.
العريضي: الخطر على الطيران
وأجرى وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي اتصالات هاتفية برئيس الجمهورية سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود وقيادة "حزب الله" "للتحرك السريع لوقف الاعتداءات على الأملاك العامة وقمع مخالفات البناء في محيط المطار الجارية الآن، نظراً الى ما تشكل من خطر على سلامة الطيران في محيطه وتجنباً لوقوع كوارث نحن في غنى عنها".
وأكد أنه "لا يجوز التساهل في التعاطي مع هذا الأمر، لأنه يتجاوز الاعتداء على الملك العام ليشكل تهديداً دائماً واعتداء محتملاً في أي لحظة على حياة الناس وسلامتهم في ما يتعلق بالطيران". ودعا الى "عدم التساهل مع هذا الأمر أياً تكن الأسباب والخلفيات والدوافع".
بارود
قال وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود في حديث ل"ال بي سي"أمس، تعليقا على الإعتداء على القوى الأمنية في منطقتي الأوزاعي وصور: " ما حصل مفاجئ نعم، لكنه نتيجة لعقود وسنوات من التراكمات، وما يحصل منذ أسابيع، من أحداث سجن رومية الى التعدّي على أملاك الدولة، يدعو إلى التشاؤم الكبير ويؤشر لخطورة الإستمرار من دون حكومة".
وسأل: "كيف يمكن للدولة التي لا تستطيع أن تحمي أملاكها؟أن تحمي أملاك الناس؟"، معتبراً أن "هناك وقاحة في التعرض للأملاك العامة، ونحن بحاجة لطرح إستفتاء على اللبنانيين هل يريدون هذه الصور في البلد وأن يتحول "الشاطر بشطارته" وأن "يأكل الفاجر مال التاجر"؟ وهل المطلوب ان تحمي الدولة حقوقها وحقوق الناس أو أن يأخذ كل شخص حقّه بعلو صوته وبتخريب الأملاك العامة؟ ".
أضاف: "نحن نطبق القانون ليس ضد الناس بل من أجلهم، فيما الناس الذين رأيناهم اليوم يعتدون على القوى الأمنية يطالبون الدولة بعدم تطبيق القانون"، مؤكداً أن "عملية إزالة التعديات على أملاك الدولة بدأت كي لا تنتهي".
"أمل" و"حزب الله" وبلديات الضاحية
وعُقد في مركز اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية اجتماع حضرته قيادتا حركة "أمل" و"حزب الله" في منطقة بيروت، دان في خلاله المجتمعون "كل أشكال مخالفة القوانين لا سيما ما له علاقة بالتعدي على الأملاك العامة والخاصة وجوار حرم المطار والذي تؤدي مخالفته إلى تضرر المصالح والعامة والخاصة".
وإذ أكد المجتمعون "رفع الغطاء عن أيّ من المخالفين"، شددوا على أن "لا حماية لأحد في وجه القانون تحت أي ظرف من الظروف". كما دعوا "القوى الأمنية إلى القيام بواجبها في منع المخالفات وإيقاف التعديات بالوسائل القانونية والمسارعة إلى إزالة أي مخالفة فور وقوعها وعدم الإهمال لتصبح أمراً واقعاً"، مؤكّدين أن "أبواب الضاحية الجنوبية كانت ولا تزال مفتوحة أمام المؤسسات الرسمية لا سيما الأمنية للقيام بواجبها في حفظ الأمن وتطبيق القانون وحماية مصالح الوطن والمواطنين". كما دعوا وزير الداخلية والبلديات والمراجع الأمنية المختصة الى"أخذ إجراءات بحق المعتدين والمخالفين وإلى تضافر الجهود بين البلديات والقوى الأمنية والجهات السياسية الفاعلة للمساعدة على حماية مصالح أهلنا الذين يستحقون كل تضحية والحفاظ على الأمن الاجتماعي ومراعاة الأنظمة والقوانين".
مفتي صور
وأجرى مفتي صور وجبل عامل القاضي الشيخ حسن عبد الله اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش العماد جان قهوجي وبنواب منطقة صور وعدد من الفعاليات السياسية والقوى الأمنية، وذلك في إطار معالجة الإشكال الأمني الذي وقع في صور حي الزراعة.
وأسف "لما وصلت إليه الأوضاع في مسألة مخالفات البناء، معزياً أهل الفقيدين"، آملاً من الجيش والقوى الأمنية التعاطي مع هذه الملفات الخطرة بكثير من الحكمة والانضباط ومراعاة السلامة العامة دون الوقوع في أحداث مشابهة. واعتبر أن "الآثار السلبية للتعديات هي الفوضى، داعياً الأهالي الى الالتزام بالنظام العام وعدم ارتكاب المخالفات".
وهاب
استغرب رئيس "حزب التوحيد العربي"، وئام وهاب، قرار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي "السماح للبلديات بإعطاء تراخيص للبناء على مساحة 120 متراً مربعاً في كل المحافظات باستثناء جبل لبنان، وبالأمس كان هناك تحرك للبلديات في منطقة الجرد، نحن ندعمهم وهناك تحركات مماثلة في الأيام المقبلة.
أضاف: "تحدثت بالأمس مع وزير الداخلية زياد بارود، ولم يبحث الأمر في مجلس الأمن المركزي جدياً، وكذلك تحدثت مع ريفي ووعد بحل الأمر، ولكن يبدو أن الأمر لم يُحل ونحن نعطي مهلة حتى الاثنين وإلا فسنلجأ الى تحركات مع كل البلديات في الجبل لرفض هذا الأمر ومنع قوى الأمن من تنفيذ القرار الجائر بمنع هذه التراخيص، ويجب منع ذلك وعدم تصنيف المناطق. ومن يطلب هذه التراخيص هم الفئة الأكثر حاجة من الناس ورفع الظلم عنهم واجب، وليتعلموا مما يجري حولنا في العالم العربي والى أين وصلت الأمور جراء الظلم وانعدام العدالة".