بعد مرور ما يقرب من 20 عاماً على تطبيقهنقابيون مصريون: بطلان قانون النقابات يحررها من سيطرة الحكومة
الإثنين 28 محرم 1432هـ - 03 يناير 2011م
القاهرة - دار الإعلام العربية
اعتبر نشطاء مصريون حكم المحكمة الدستورية العليا، الأحد 2-1-2011، بعدم دستورية القانون رقم 100 للنقابات المهنية بمثابة انتصار للديمقراطية، وإنهاء للسيطرة الحكومية التي اتهموها بتحجيم أدوار النقابات المهنية والنقابية والوطنية.
وتعود فصول أزمة النقابات المهنية في مصر، والتي يبلغ عددها 24 نقابة تضم نحو ستة ملايين عضو، إلى عام 1990، فمنذ ذلك التاريخ دخلت النقابات في أزمة مع الحكومة التي تقاعست عن تنفيذ الإصلاحات السياسية، وفي عام 1991 أثارت النقابات مشكلة البطالة المهنية عقب عودة المصريين من العراق والكويت مع اندلاع حرب الخليج الأولى، وجاء القانون رقم 100 كرد من الحكومة لتجميد النقابات وشل حركة العمل النقابي الذي اشترط حضور 50% من الأعضاء لإجراء الانتخابات في المرة الأولى، و30% في الإعادة، ما أدى إلى وضع العديد من النقابات المهنية تحت وطأة الحراسة القضائية.
تعطيل متعمّد قوات أمن مصرية أمام إحدى النقابات ويعلق عصام الإسلامبولي، المحامي بالنقض صاحب الدعوة المقامة ضد وزير العدل ورئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية واللجنة القضائية المشرفة على انتخابات النقابات المهنية ونقيب المحامين بصفتهم، قائلاً: الحكم جاء متأخراً، فقد أقمت الدعوى منذ شهر يوليو 2001 وظلت داخل هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية حتى سبتمبر من عام 2010، ولم يكن هذا التأخير اعتباطاً، بل متعمداً لتعطيل الفصل في الدعوى؛ لأنه لم يكن هناك مفر من الحكم بعدم دستورية القانون.
وأضاف: "هذا الحكم "تاريخي"، لأنه صادر عن المحكمة الدستورية العليا التي تعتبر أحكامها عينية، بمعنى أن الأثر الحجي لا يقتصر فقط على الحكومة، إنما على جميع المؤسسات والنقابات، ويجب أن ينفذ في اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية؛ لذلك فإن حكم "الدستورية" يعامل معاملة القانون الذي فور صدوره يترتب عليه نظم الإجراءات".
كل نقابة "سيدة جداولها"وأوضح الإسلامبولي أنه بموجب هذا الحكم تعتبر جميع الانتخابات التي أجريت بجميع النقابات المهنية في تلك الفترة باطلة كنقابات الصحافيين والمحامين والأطباء والتجاريين والمهن التمثيلية والسينمائية والتعليمية.
وأشار إلى أنه يجب على النقابات تكوين مجالسها وأن تقوم بالدعوة لانعقاد جمعياتها العمومية سواء العادية أو الطارئة، وتكوين لجان مؤقتة لإجراء الانتخابات، ويحق بموجب هذا الحكم للجمعيات تكوين لجان لتحضير إجراء انتخاباتها وفقاً للقوانين واللوائح الداخلية، وتصبح كل نقابة "سيدة جداولها" وتقوم بإعداد الكشوف الانتخابية.
وعن تداعيات هذا الحكم أكد الإسلامبولي أنه يتوقع "الالتفاف" حوله سواء من خلال محاولات "ترزية" القوانين بالبحث عن أية ثغرات قانونية لإعادة عرض القانون مرة أخرى على مجلس الشورى، أو قد لا يفلح الأمر فيقومون بتمرير مشروع قانون جديد ينظم عمل النقابات، وهو بالفعل ما أعلن عنه وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب والشورى الدكتور مفيد شهاب.
انتصار للمعارضةويعلق د. جمال نصار، المستشار الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين، بأن الحكم دليل قاطع على صدق رؤية الجماعة بعدم دستورية هذا القانون الذي صدر أصلاً لتقييد المعارضة المصرية وعرقلة النقابات المهنية على مدار 17 عاماً ماضية، مؤكداً أنه حكم نهائي للمحكمة الدستورية التي هي فوق الدستور.
وأضاف: "الحكم يعد انتصاراً كبيراً للمعارضة المصرية والنقابات المهنية، ودعوة مفتوحة لهذه النقابات للدخول في مواجهة نزيهة عبر صناديق الاقتراع، وممارسة أدوارها القومية، فضلاً عن أداء خدماتها المختلفة لأعضائها".
يُشار إلى أن المحكمة الدستورية قالت في حيثيات الحكم بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 الخاص بالنقابات المهنية، والمعروف بقانون "ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية"؛ بسبب عدم عرضه على مجلس الشورى لأخذ رأيه فيه.
وقالت المحكمة إنه كان يجب أن يؤخذ رأي مجلس الشورى الذي يبلِّغ رأيه في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب، وأن عرض مشروعات هذه القوانين على المجلس ليقول كلمته فيها وجوبيّ، ولا يجوز التفريط فيه، أو إغفاله، وإلا تقوض بنيان القانون برمته من أساسه، وإذ تحققت المحكمة من تخلف هذا الإجراء، تعين إسقاط القانون المشوب بذلك العوار الشكلي بكامل النصوص التي تضمنها، مؤكدة أن أوراق الدعوى ثبت بها أن مجلس الشورى لم يسبق له أن ناقش مشروع هذا القانون، وانتهت المحكمة إلى عدم دستوريته لمخالفته المادة 195 من الدستور قبل تعديلها.